recent
أخبار ساخنة

الهكر الضائع وقصة القبعات البيضاء والسوداء التي هي بنفس الوان القلوب

قبعات بيضاء وسوداء بنفس الوان القلوب قصة تقنية قصيرة

نشأ علي في ثمانينيات القرن الماضي في بيئة عجيبة، وكان والده  في ذلك الوقت يعمل في أحد الدول الخليجية، وكان له أخ يصغره بسبع سنوات، ومنذ نعومة أظافره وهو يحب كل ما يتعلق بالإلكترونيات، وليس هو فقط بل وكل أبناء جيله الذين يقتربون منه في السن، ومع بداية ظهور الألعاب الإلكترونية في الوطن العربي في ذلك الوقت بما يسمى لعبة وساعة Game and watch وكان أشهر العابها على الإطلاق دونكي كونج والذي يشبه كينج كونج في افلام هذه الأيام، وظهرت منها العاب أخرى كثيرة ومثيرة بنفس التقنية، اللعبة والساعة كانت عبارة عن شاشة ابيض واسود وتطورت فيما بعد واصبحت بشاشتين يمكن طيهما كالهواتف الذكية الحالية، والتي ظهرت في بداية هذه الألفية وتطورت حتى يومنا هذا لأشكال متعددة.

بعدها ظهر الأتاري، وهو نوع من الألعاب الإلكترونية التي كانت تشبه العلبة، وبهذه العلبة فتحة صغيرة يوضع بها قطعة بلاستيكية مستطيلة، كان بها دائرة الكترونية يخزن عليها لعبة واحدة، كان اشهر تلك الألعاب لعبة التنس ولعبة تسمى ريفر ريد وأخرى تسمى دونكي كونج ولكنه كان مخصصا للأتاري وظهرت هاتين اللعبتين سنة 1982 وكان هناك العاب كثيرة أخرى مثل العاب السلة والملاكمة والفضاء وغيرها  .

في ذلك الوقت كان يمكن أيضا تبادل هذه القطع مع أصدقاءك وجيرانك، كل حسب ما لديه من ألعاب مختلفة، ظهر بعد ذلك العديد من الأتاري من دول كثير مثل هونج كونج وفيلبس من هولاندا، وبدأ ظهور أخطرها على الإطلاق وبداية ظهور كلمة الكمبيوتر على الساحة وكان يسمى كمبيوتر صخر، ولكنه لم يكن فعليا كمبيوتر ولكن أتاري على شكل شاشة كمبيوتر ومعها لوحة مفاتيح ولكن كانت هذه اللوحة يوضع بها أيضا قطع البلاستيك التي بها الألعاب أيضا ولكن هذه المرة بالعرض وليس بالطول.

أُصيب علي بنوع من الذهول عند رؤيته لصخر، وطلب من والده إحضار هذا الكمبيوتر منذ ظهوره ولكنه كان مرتفع الثمن وكان والده يظن أنه لاحاجة لشراءه فهو أيضا أتاري، مر العمر  وعاد علي إلى بلده مصر، وفي السنة النهائية من الإعدادية طلب من والده في حالة تحقيق درجات معينة والذهاب للثانوية العامة أن يكافئه بشراء كمبيوتر صخر، وللمرة الثانية يصاب بخيبة الأمل فقد نجح ونفذ المطلوب ولكن والده بدل إجباريا الكمبيوتر بعجلة سباق كهدية، وعلى الرغم من أن العجلة كانت من النوع الرائع وهدية مرتفعة الثمن، ولكن علي كان يصر على التعجب من ما يفعله والده ويبحث عن سبب عدم شراء هذا الكمبيوتر كأن والده بينه وبين الكمبيوتر عداء.

تمر الأيام ويدخل علي الثانوية العامة ويحصل على مجموع ليس مرتفع ولكنه يستطيع دخول كلية الهندسة الخاصة في ذلك الوقت وكانت هذه الكلية الأولى من نوعها في مصر، ويدخل قسم الحاسبات والاتصالات حلم حياته وكان القسمين المختلفين في كليات كثيرة مرتبطين معا في هذه الكلية الخاصة لحسن الحظ.

وللمرة المليون لم يحضر له والده حاسب، على الرغم من أن الكلية بدأ معها ظهور حاسبات انتل والدوس وهو اساس الويندوز الحالي ومبني عليه، هذه المرة كانت أغرب مرة يمتنع فيها الوالد عن إحضار الحاسوب فهي كانت غير مبررة بالمرة.

كان ذلك كله يجعل علي يصر على الحاسوب وشراؤه بشكل عجيب، وتخرج علي من الكلية وكانت المفاجأة أن والده أحضر له أفخم كمبيوتر في ذلك الوقت وببدايات ويندوز القوية وبدأت رحلته الحقيقة مع البرمجيات، لأن دراسيا بدأ منذ زمن طويل في الهاردوير وتعلم تركيب الدوائر الإلكترونية ويدويا، وتعلم أيضا البرمجة بشكل متطور مع ظهورها في الكلية وكانت بداياتها بلغة باسكال والسي، بعد التخرج درس علي كل لغات البرمجة تقريبا في ذلك الوقت، وكذلك الشبكات وحتى البنية التحتية للشبكات في الشركات.

واصبح لديه خبرات متعددة في هذا المجال وبدأ ظهور الإنترنت وكان يصل للمنازل عن طريق سلك الهاتف في ذلك الوقت وبدون روتر أو أي شيء سوى الاتصال برقم معين للوصول للإنترنت، مع الوقت تطورة الغمكانيات وظهرت السرفرات الخاصة والشركات وبدأت رحلت تعلم الأمن السيبراني بعد قراءات طويلة عنها وعن الهكرز المؤذين وهم من يسمون ذوي القبعات السوداء أما المدافعين والذين يحمون الشركات كانوا يسمون ذو القبعات البيضاء.

علي ذو القبعة البيضاء درس كثيرا عن الجرائم الإلكترونية وكذلك استخدم اجهزة وبرامج لإسترجاع المعلومات وكذلك عن التحقيق الجنائي الإلكتروني، وكانت لها أجهزة مخصصة وكذلك برامج خطيرة وفي منتهى القوة.

ولكن وفي صباح يوم من الأيام، فوجئ علي بأن جهازه لا يعمل وأنه قد تم تشفيره ولم يعرف من الذي يمكن أن يكون قد قام بذلك ولماذا؟

وبدأ بمحاولة فتح الكمبيوتر واسترجاع المعلومات ولكنه لم يفلح فقرر تتبع المجرم وتركه حتى يتصل به ويعرف ما الذي يريد، تسمى طريقة التشفير  crypto locker ويقوم فيها الهكر بتحويل كل البيانات على الكمبيوتر إلى بيانات لا يمكن قراءتها أو فكها او استعمالها، وتشبه هذه الطريقة العمليات التي كانت تقوم بها الدول الكبرى في الحروب بعمل تبديل للحروف في الكلمات برموز غير معروفة الا للدولة المرسلة وجنودها في الجبهات لتصل لهم الرسائل مشفرة ويفكونها فلا يستطيع العدو معرفة ما بالرسالة وكان يستخدم الأرقام أيضا في ما يسمى المتواليات العددية وتطورة فيما بعد لرموز وارقام وغيرها الكثير حتى وصلت لأنواع معروفة على الإنترنت مثل MD5 وتطورة لطرق تشفيرية عجيبة يكاد يكون من المستحيل فكها، ولكن أيضا لكل شيء حل دائما والشر موجود كما هو الخير موجود.

نرجع لقصتنا فقد ارسل فعلا سمير ذو القبعة السوداء، رسالته السوداء لعلي، يطالبه فيها بمبلغ كبير من المال حتى يفك التشفير، ويرجع له البيانات، في الواقع كان علي يحتفظ دائما بنسخة احتياطية من القرص الصلب، والذي تطور في هذه الأيام لما يسمى SSD، ولكن علي كان يحب اللعب، وكذلك يحب أن يكتشف الأشرار ليعرف الأسباب النفسية التي نسببت في جعلهم أشرار، فربما كان هناك أمل في أحدهم لعدوله عن الشر، وعندما تأتي له فرصة مثل هذه فلا يمكن أن يفوتها أبدا.

ارسل علي رسالة لسمير مفادها، أنه جاهز لإرسال المبلغ وزيادة، ولكنه طلب من سمير أن يرحمه ويرسل له مفتاح الفك للتشفير وبسرعة، وكتي له في الرسالة أنه يريد منه معرفة الطريقة التي يود أن يحول بها المبلغ المطلوب، وعلى اي حساب، ولكن سمير كان ماكرا جدا، فقد طلب منه أن يعطيه رقم بطاقة الفيزا، ليحول هو بنفسه المبلغ ولنفسه وبدون تدخل علي، وارسل فعلا علي له صورة برقم البطاقة على ملف PDF ليجعل سمير يظن فعلا أنه في حاجة ماسة لهذه المعلومات المسروقة، فاستقبلها سمير لأنه من طريقة علي في طلب الرحمة ظن أن المعلومات المشفرة مهمة لعلي فعلا، وأنه سوف يستطيع المساومة وطلب اي مبلغ، وهنا كان الطعم الذي التقمه سمير، فالملف ال PDF يوجد معه نفس ما فعله سمير به، فمن المعروف أن الملفات الخاصة من النوع PDF يمكن أن تكون صور والصور بامتدادات معينة يمكن أن يوضع بها فيروسات وديدان حاسوب، ويمكن أن تدمر الأجهزة التي تستقبلها، ويمكن أيضا أن تتبع الجهاز.


وبدون وعي وثقة من سمير قام بتنزيل الملف على جهازه، وهو لا يعرف أن علي قام بكتابة برنامج تتبع مخصص لا يمكن أن يعرفه اي مضاد فيروسات وكتبه علي بنفسه، من المعروف أن معظم الهكر هذه الأيام ليسوا مبرمجين ولكنهم فقط يستخدمون الأدوات وما لا يعرفونه أن مبرمجي هذه الأدوات ربما كانوا يرونوهم لأنهم مبرمجين محترفين وبالتالي فقد يكون الهكر أو غالبا في مصيدة أكبر منه وهو يظن أنه محترف ! وقد يقع في ما لا يحمد عقباه فيما بعد ويبكي هو نفسه على ما سيفعل به سواء في الدنيا من من هو أشر منه أو العقاب العادل في الآخرة لكل من يحاول اذية الناس.


طبعا ما تم أن سمير تم معرفة مكانه بالتحديد بالموقع الذي هو فيه وبيته بالضبط، وتم تتبعه حتى اثناء خروجه ورجوعه لأنه من السهل جدا نقل البرنامج الخاص بالكمبيوتر إلى الهاتف الذي وتتبع من يحمله خطوة بخطوة، والغريب أن علي أحب أن يعطيه درسا لن ينساه فقد اتصل به من هاتفه وادعى انه أحد اصدقاءه القدامى وطلب من أن يلقاه وعندما وصل سمير للمكان المتفق عليه فوجئ بعلي امامه فقد كان من ضمن ملف ال PDF صورة علي أيضا لكي يعرفه سمير، كان علي يلبس قبعة بيضاء تخفي ملامح وجه ويجلس على الطاولة في المقهى المتفق عليه، وعندما وصل سمير وجلس امامه لأنه قال له أنه سيعرفه من القبعة البيضاء وطلب منه أيضا أن يلبس قبعة سوداء لأن الزمن مر وقد لا يعرف ملامحة جيدا، وعندما رفع علي القبعة من على وجهه حاول سمير الهرب فامسكه علي من يده، وقال له الهروب لن يفيد فهو يعرف كل شيء عنه ومسجل لديه كل حركة في بيته وبتصوير هاتفه الذي نفسه.

وبدأ معه حوار طويل طلب فيه من سمير أن يسمعه، وقال له أن الهكر يؤذي نفسه كثيرا فالسرقة تجعلك مع الوقت تتحول إلى إنسان اسود حتى ولو كنت فقيرا وتظن أنه يجب سرقة الناس لأنك ظلمت منهم، فيجب عليك أن لا تفعل ذلك لأنك ستتحول في يوم من الأيام إن نجحت إلى ظالم مثلهم وستؤذي غيرك فهل ينتقم الإنسان ليحول نفسه إلى شخص وشخصية من ظلموه، أين ما تدعيه أنك تكره من ظلموك وأنت نفسك ستصبح ظالم في يوم من الأيام، وقال له علي بدلا من كل هذا الوقت الذي اضعته في تعلم التهكير تعلم ما هو عكسه وهو الامن الإلكتروني أو ال cyber security فهو مجال خطير وحلال جدا ويربح منه أكثر بكثير من التهكير، فهل سيسمع سمير نصيحة علي بعد أن تركه أم سيعود لما كان عليه الفرصة قد تأتيك مرتين أو ثلاثة لتفكر وتعود عن ما تريد فعله من الشر ولكن إن تماديت فستترك وستظن نفسك ذكي ولا تنسى وقتها الأذكياء يمكن أن يكون مكانهم النار.

تابع القراءة : كيف تحمي اموالك من السرقة الإلكترونية على الإنترنت


google-playkhamsatmostaqltradent